قصيدة في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
والصلاه والسلام على اشرف المرسلين سيدنا محمد المبعوث رحمه للعالمين
قصيدة في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم
لاحدعملاقة الشعر في اليمن
((عبدالله البردوني رحمه الله ))
بشرى من الغيب ألقت في فـم الغـار
وحيا و أفضت إلـى الدنيـا بأسـرار
بشرى النبوّة طافـت كالشـذى سحـرا
و أعلنت فـي الربـى ميـلاد أنـوار
و شقّت الصمـت و الأنسـام تحملهـا
تحـت السكينـه مـن دار إلــى دار
و هدهدت " مكّـة " الوسنـى أناملهـا
و هـزّت الفجـر إيـذانـا بإسـفـار
فأقبل الفجر من خلـف التـلال و فـي
عينيـه أسـرار عـشـاق و سـمـار
كأنّ فيض السنى في كـلّ رابيةمـوج
و فـي كـلّ سفـح جـدول جــاري
تدافع الفجر فـي الدنيـا يـزفّ إلـى
تاريخهـا فجـر أجـيـال و أدهــار
واستقبلـت طـفـلا فــي تبسّـمـه
آيـات بشـرى و إيـمـاءات إنــذار
و شبّ طفل الهـدى المنشـود متّـزرا
بالحـقّ متّشحـا بالـنـور و الـنـار
في كفّـه شعلـة تهـدي و فـي فمـه
بشرى و فـي عينـه إصـرار أقـدار
و فـي ملامحـه وعـد و فـي دمـه
بطـولـة تتـحـدّى كــلّ جـبّــار
و فـاض بالنـور فاغتـم الطغـاة بـه
و اللّصّ يخشى سطوع الكوكب الساري
و الوعي كالنور يخزي الظالمين كمـا
يخزي لصوص الدجى إشـراق أقمـار
نادى الرسول نداء العـدل فاحتشـدت
كتائـب الجـور تنضـي كـلّ بـتّـار
كأنّـهـا خلـفـه نــار مجـنّـحـة
تعـدو قـدّامـه أفــواج إعـصـار
فضجّ بالحـقّ و الدنيـا بمـا رحبـت
تهـوي عليـه بـأشـداق و أظـفـار
و سـار و الـدرب أحقـاد مسلّـخـة
كأنّ في كـلّ شبـر ضيغمـا ضـاري
وهبّ فـي دربـه المرسـوم مندفعـا
كالدهـر يقـذف أخطـار بأخـطـار
فأدبر الظلـم يلقـي هـا هنـا أجـلا
و هـا هنـا يتلقّـى كـفّ ... حفّـار
و الظلم مهما احتمت بالبطش عصبتـه
فلـم تطـق وقفـة فـي وجـه تيّـار
رأى اليتيـم أبــو الأيـتـام غايـتـه
قصـوى فشـقّ إليهـا كـلّ مضمـار
وامتدّت الملّـة السمحـا يـرفّ علـى
جبينهـا تــاج إعـظـام و إكـبـار
مضى إلى الفتـح لا بغيـا و لا طمعـا
لـكـنّ حنـانـا و تطهـيـرا لأوزار
فأنـزل الجـور قبـرا وابتنـى زمنـا
عـدلا ... تدبّـره أفـكـار أحــرار
يا قاتل الظلـم صالـت هاهنـا و هنـا
فظايـع أيـن منهـا زنـدك الـواري
أرض الجنوب دياري و هي مهد أبـي
تئـنّ مـا بيـن سفّـاح و سمـسـار
يشدّهـا قـيـد سـجّـان و ينهشـهـا
سوط ... ويحدو خطاها صوت خمّـار
تعطي القيـاد وزيـرا و هـو متّجـر
بجوعها فهـو فيهـا البايـع الشـاري
فكيف لانـت لجـلّاد الحمـى " عـدن
"و كيف ساس حماها غـدر فجّـار ؟
وقـادهــا وعـمــاء لا يـبـرّهـم
فعـل و أقوالـهـم أقــوال أبــرار
أشباه نـاس و خيـرات البـلاد لهـم
يا للرجـال و شعـب جائـع عـاري
أشبـاه نـاس دنانيـر الـبـلاد لـهـم
ووزنهـم لا يسـاوي ربــع ديـنـار
و لا يصونـون عنـد الغـدر أنفسهـم
فهل يصونون عهد الصحـب و الجـار
تـرى شخوصهـم رسميّـة و تــرى
أطماعهم في الحمـى أطمـاع تجّـار
أكـاد أسخـر منهـم ثـمّ تضحكنـي
دعواهـم أنّهـم أصـحـاب أفـكـار
يبنـون بالظلـم دورا كـي نمجّـدهـم
و مجدهم رجـس أخشـاب و أحجـار
لا تخبـر الشعـب عنهـم إنّ أعيـنـه
تـرى فظائعهـم مـن خلـف أستـار
الآكلـون جـراح الشعـب تخبـرنـا
ثيابـهـم أنّـهــم آلات أشـــرار
ثيابهـم رشـوة تنـبـي مظاهـرهـا
بأنّـهـا دمــع أكـبـاد و أبـصـار
يشـرون بـالـذلّ ألقـابـا تستّـرهـم
لكنّهـم يسـتـرون الـعـار بالـعـار
تحسّهـم فـي يـد المستعمريـن كمـا
تحـسّ مسبحـة فـي كـفّ سـحّـار
ويـل وويـل لأعــداء الـبـلاد إذا
ضجّ السكون وهبّـت غضبـة الثـار !
فليغنـم الجـور إقبـال الزمـان لـه
فــإنّ إقبـالـه إنـــذار إدبـــار
و النـاس شـرّ و أخيـار و شرّهـم
مـنـافـق يـتـزيّـا زيّ أخـيــار
و أضيع الناس شعـب بـات يحرسـه
لــصّ تسـتـره أثــواب أحـبـار
فـي ثغـره لغـة الحـانـي بأمّـتـه
و فـي يديـه لهـا سكّيـن جـزّار !
حقـد الشعـوب براكـيـن مسمّـمـة
وقودهـا كــلّ خــوّان و غــدّار
مـن كـلّ محتقـر للشعـب صورتـه
رسـم الخيانـات أو تمثـال أقــذار
و جثّـة شـوّش التعطـيـر جيفتـهـا
كأنّهـا ميتـه فـي ثــوب عـطّـار
بيـن الجنـوب و بيـن العابثيـن بـه
يـوم يحـنّ إليـه يـوم " ذي قـار "
يا خاتم الرسـل هـذا يومـك انبعثـت
ذكراه كالفجـر فـي أحضـان أنهـار
يا صاحب المبدأ الأعلى ، و هل حملت
رسالـة الـحـقّ إلاّ روح مخـتـار ؟
أعلى المباديء مـا صاغـت لحاملهـا
من الهدى و الضحايـا نصـب تذكـار
فكيـف نذكـر أشخـاصـا مبادئـهـم
مباديء الذئب في إقدامه الضـاري ؟ !
يبـدون للشعـب أحبـابـا و بينـهـم
و الشعب ما بين طبع الهـرّ و الفـار
مالي أغنّيك يا " طـه " و فـي نغمـي
دمع و في خاطـري أحقـاد ثـوّار ؟
تململـت كبريـاء الجـرح فانتـزفـت
حقدي على الجور من أغوار أغـواري
يا " أحمد النور " عفوا إن ثأرت ففـي
صدري جحيم تشظّـت بيـن أشعـاري
" طه " إذا ثـار إنشـادي فـإنّ أبـي
" حسّان " أخباره في الشعر أخبـاري
أنا ابن أنصارك الغـرّ الألـى قذفـوا
جيش الطغـاة بجيـش منـك جـرّار
تظافرت في الفـدى حوليـك أنفسهـم
كأنّـهـنّ قــلاع خـلـف أســوار
نحن اليمانين يـا " طـه " تطيـر بنـا
إلـى روابـي العـلا أرواح أنصـار
إذا تذكّـرت " عـمّـارا " و مـبـدأه
فافخر بنـا : إنّنـا أحفـاد " عمّـار "
" طه " إليك صلاة الشعـرر ترفعهـا
روحـي و تعزفهـا أوتــار قيـثـار