خصائص أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهن
لقد خصَّ الله عز وجل أزواج نبيه صلى الله عليه وسلم بخصائص لم
يخص بها واحدة من النساء
إكراماً وإجلالاً لهذا النبي الكريم، صلوات ربي وسلامه عليه
والخصائص هي:
أ. أن أزواجه أمهات المؤمنين
لقوله عز وجل: "وأزواجه أمهاتهم"15، وهل هن أمهات للمؤمنات قولان لأهل العلم، أرجحهما أنهن أمهات للمؤمنات كذلك.
وهذه الأمومة تكون في الآتي:16
1. وجوب التعظيم والإجلال والمبرة.
2. حرمة النكاح على الرجال.
وتختلف عن حق الأم من النسب في الآتي:
1. الاحتجاب عنهن.
2. عدم الإرث.
قال القرطبي:
(واختلف الناس هل هن أمهات الرجال والنساء، أم أمهات الرجال خاصة، على
قولين: فروى الشعبي عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها أن امرأة قالت لها:
يا أمة؛ فقالت لها: لست لك بأم، إنما أنا أم رجالكم؛ قال ابن العربي: وهو
الصحيح.
قلت: لا فائدة في
اختصاص الحصر في الإباحة للرجال دون النساء، والذي يظهر لي أنهن أمهات
للرجال والنساء، يدل عليه صدر الآية: "النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم"،
وهذا يشمل الرجال والنساء ضرورة، ويدل على ذلك حديث أبي هريرة، فيكون:
"وأزواجه أمهاتهم" عائد إلى الجميع).17
ب. أزواجه في الدنيا هن أزواجه في الآخرة
لقوله صلى الله
عليه وسلم: "أزواجي في الدنيا هن أزواجي في الآخرة"، ولهذا حرم على أحد
زواجهن، وهذه من خصائصه التي لا ينبغي أن يشاركه فيها أحد، وما يفعله بعض
أتباع المشايخ الطرقية من تحريم زواج من طلقها أحد المشايخ أومات عنها لا
أصل له ولا دليل، وكذلك الترخص في الدخول عليهن والانبساط معهن.
ج. اختلف العلماء في كونهن كالأمهات في المَحْرَم وإباحة النظر
على قولين:
1. هن مَحْرَم، لا يحرم النظر إليهن.
2. النظر إليهن
محرم، لأن تحريم نكاحهن كان لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهن، ولأن
عائشة كانت إذا أرادت دخول رجل عليها أمرت أختها أسماء أن ترضعه ليصير
ابناً لأختها من الرضاع.
والراجح القول الثاني لقول عائشة رضي الله عنها.
د. تضعيف الأجر والثواب لهن
لقوله تعالى: "يا
نساء النبي من يأتِ منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك
على الله يسيراً. ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحاً نؤتها أجرها
مرتين وأعتدنا لها رزقاً كريماً".18
ﻫ. تجب محبتهن وإجلالهن وتقديرهن
ولا يحل لأحد أن
ينتقص واحدة منهن، لا سيما عائشة وحفصة كما يفعل الرافضة، ومن فعل ذلك فهو
من الهالكين، فقد أمرنا بعدم الخوض فيما شجر بين الصحابة.
أما الحجاب وعدم
مصافحة الأجانب فليسا من خصائص نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو
عام لجميع النساء، وإنما كان نساء النبي صلى الله عليه وسلم هن القدوة في
ذلك، فآية الحجاب في سورة الأحزاب فصلت وعمت: "يا أيها النبي قل لأزواجك
وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن".19
فلا يلتفت إلى ما يقوله المتفلتون عن الأحكام الشرعية الداعون إلى ذلك.تنبيه
يعترض بعض مرضى
القلوب من المنتسبين إلى الإسلام تبعاً لما أثاره بعض أعداء الله من
المستشرقين على ما خص الله به رسوله عنا من أن يجمع تحته أكثر من أربع
نسوة، وذلك لأن الله أعطاه من القوة والمقدرة على ذلك الشيء الكثير، فقد
كان يطوف على نسائه في ليلة واحدة.
وليس رسولنا ببدع
من رسل الله وأنبيائه، فقد خصوا بما خص به نبينا، وجمع بعضهم من النساء
أضعافاً مضاعفة لما صنعه نبينا محمد عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام.
فقد صح عن نبي الله
سليمان عليه السلام أنه طاف على مائة من نسائه في ليلة واحدة، لأنه كان
يريد أن يولد له مائة فارس، فلم يقل إن شاء الله، فلم يولد له إلا خلفة.
وذكر ابن الجوزي
وغيره من أهل العلم بالتاريخ أنه كان لسليمان20 ألف من النساء، ثلاثمائة
من الحرائر وسبعمائة من الإماء؛ وكان لداود مائة.
ونحن عندما نقول
ذلك لا نريد انتقاص أحد من الأنبياء، بل نريد مدحهم، ولنا في الإمام أبي
الطيب بن الباقلاني القدوة عندما قال له أحد القساوسة: ماذا صنعت زوجة
نبيكم؟ يريد قبحه الله عائشة وما رُميت به من حادثة الإفك، فقال راداً
ومفحماً له: هما امرأتان عفيفتان مبرئتان من كل سوء، اتهمتا بالفاحشة، لم
يكن لإحداهما زوج فأتت بولد، وكان للأخرى زوج فلم تأت بولد، فإن وقع في
الذهن الفاسد ريبة على هذه فهو إلى تلك أولى، وكلاهما مبرئتان من الفاحشة
والسوء؛ فبهت الذي كفر وخاب وخسر.
والحمد لله الذي به
تتم الصالحات، والصلاة والسلام على خاتم الرسل، وعلى أزواجه الطاهرات
العفيفات، قدوة المؤمنات الصالحات، وعلى من اتبعهن وسار على طريقهن حتى
الممات.