"إن أمواكم و أولادكم فتنة و الله عنده أجر عظيم"
منقول
إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستهديه و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا إنه من يهد الله فهو المهتد و من يضلل لن تجد له ولياً مرشداً.
كثيراً ما أرى أخوات قيمتهن العلمية و الدينية عالية و لكنهن يعطلن كل هذه المواهب و الهبات و العطايا التى وهبهن الله إياها و ينتظرن...............الزواج!!!!!!
هذه ليست دعوة للرهبانية أو لعدم التفكير فى الزواج، بل هى دعوة تأملية لننظر ماذا ننتظر و كيف ننتظر و هل نحن مستعدون لهذا القادم أم لا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
إننا عندما ندخل أى إمتحان نستعد له و نستذكر الدروس و نبذل كل ما بوسعنا حتى ننجح فكيف ترانا ندخل هذا الإمتحان بلا تجهيز أو ترتيب أو مذاكرة أو إعداد؟؟؟!!!
أهذا منطق؟؟؟؟؟؟ و إذا كان هذا منطقنا إذن لم نبكى عندما لا ننجح؟؟؟؟؟؟
مشهد أخوات تخرجن و لا يعملن و ينتظرن الحصول على زوج و أخريات خرجن من تجارب فاشلة بطفل أو طفلين... مشاهد جديرة بالدراسة و أنا أدعو هؤلاء للتفكير فى الأسباب المؤدية لهذه النتيجة و أساليب الحل و أقصد بالحل هو السلام الداخلى فمن أهم أساليب الحل أن نشعر بالأمن الداخلى و ألا يكون بعضى يثور على بعضى و لهذا كان الأهم الحل الداخلى قبل التفكير فى حل المشكلة فعلياً أو عملياً بالزواج الأول أو الثانى و الدليل على هذا أنه إذا حلت المشكلة فى ساعتها و أنا مازلت أتعامل معها بنفس أسلوب التعامل فستؤول لنفس المآل فلابد أن نخرج من أى مشكلة بفائدة جديدة تصبغ حياتى بصبغة جديدة و لننظر لحكمة الله وراء الإبتلاء فالله لا يبتلى عباده هباءً بل له حكمة قل من يدركها و من يسخط على الإبتلاء لا يدركها، لنوقن جميعاً أن أمرنا كله خير لنا دنيوياً و أخروياً و لكننا نفتقد النظرة المتعمقة فى حقيقة الأشياء.
بدايةً الزواج نعمة أو ابتلاء من الله سبحانه و تعالى و فى النهاية رزق يسوقه الله وقتما يشاء لمن يشاء بالكيفية التى يشائها و التوفيق فيه إنما هو نعمة منه جل و علا فلم ننتظر هذه النعمة أو الإبتلاء بل و تقف حياتنا أحياناً بلا حراك فى انتظار هذه الخطوة؟؟؟
الكثيرات ينتظرن الزواج و يضيعن أوقاتهن فى العلاقات المحرمة و الغيبة و النميمة أملاً فى الزواج و فى النهاية نجد طاقات مهولة معطلة بل و تهدر لاستجلاب رزق لم يكتب الله له الحدوث بعد!!!!!!
فلم لا نستثمر هذه الطاقات فيما يرضى الله حتى نكون أهلاً لنعمة الله؟؟؟؟
إذا كان الزواج نعمة و من ثم سبب من أسباب السعادة فى الدنيا و طريق إلى الآخرة يستجلب به إما حسنات أو سيئات حسب النية و الجدية فى العمل لهذه النية، فالمنطقى أن نتعلق بصاحب الأسباب و ليس بالسبب ذاته، فالله سبجانه و تعالى هو صاحب الأسباب و هو المدبر و المتصرف فى أمور خلقها بالشكل الذى يشائه جل و علا و إستجلاب رضاه على حساب سخطه يجب بل و لابد أن يكون الأصل فى كل تصرفاتنا.
لم لا نعيش لربنا بأن تقوم الأخوات بأدوار فعالة فى تثقيف أنفسهن ثم من حولهن، فى حفظ القرآن و تعليمه غيرهن، فى مساعدة المحتاجين، فى تعلم العلوم الشرعية و نشرها فيمن حولها، فى محو أمية المقربين منها من أهلها أو جيرانها ...فى أى فعل يجلب لهن رضا الله.
ساعتها ستتعودى على حل مشاكل غيرك، ستتغلبين على فتن نفسك و ستتغلبين على شيطانك فى الإستفادة بالأوقات فيما يفيد و هذا هم الشيطان الأكبر...» ألا و هو تضييع وقت ابن آدم فيما لا يفيد لأن عمره هو كنزه الذى يستثمره إما للجنة أو للنار و متى ضيعه ظفر به الشيطان فى نار جهنم رفيقاً.
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
ضرب الله تعالى مثلا صراطا مستقيما، وعلى جنبتي الصراط سوران، فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داع يقول: يا أيها الناس! ادخلوا الصراط جميعا ولا تتعوجوا، وداع يدعو من فوق الصراط، فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئا من تلك الأبواب قال: ويحك لا تفتحه، فإنك إن تفتحه تلجه، فالصراط الإسلام، والسوران حدود الله، والأبواب المفتحة محارم الله تعالى، وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله، والداعي من فوق واعظ الله في قلب كل مسلم
صحيح
الألباني
صحيح الجامع
3887
هذا الحديث مثل ضربه خير البشر صلى الله عليه و سلم للمسلمين كى يضعوه قانوناً لحياتهم فلنتصور هذه الصورة الإبداعية الجميلة، المؤمن يمشى على الصراط المستقيم الذى رسمه الله لعباده و أمرهم بالإستقامة و عدم الزيغ عنه و على الصراط داعى ينادى: يا عبد الله إستقم فالطريق الوحيد الموصل للجنة هو هذا الطريق و إن اعوججت فكيف تضمن الرجوع للإستقامة ثانيةً ثم إن معرفة الطريق تشترط الإمساك بحبل الله المتين(القرآن) و عدم الإمساك به قد يؤدى لأن تضل الطريق فليس بالعقل وحده تدرك الحق فالكثير من الفلاسفة الذين ألحدوا و كفروا كانوا يظنون نفس الظن و إن حاولت البحث عنهم الآن ستجدهم يتقلبون فى نار جهنم بعد أن ظفر بهم الشيطان و صور لهم عبقريتهم المزعومة.
قلب المؤمن قصر ذا حديقة غناء و القصر له سوران فيهما أبواب مفتحة، فالأبواب محارم الله و طرق الباب فقد تعدى محارمه سبحانه و تعالى .....لقد أتى ما يغضب ربه و يفسد معيشته التى لا يرضى الله لها إلا الصلاح، و كل باب عليه ستار و عند الإقتراب منها أو من الباب ينادى مناد: يا عبد الله ويحك لا تفتحه فإنك إن فتحته تلجه أى تدخله و هذا تصوير بليغ لمداخل الشيطان إن اقتربت منها و طرقت الباب دخلته فالشيطان لن يترك لك فرصة للتردد أو التفكير و لذلك كانت الدعوة دائماً لتغليق أبواب الشيطان و عدم الإقتراب منها أدعى من ترك معصية فالوقاية خير من العلاج.
و هذا ما يفعله الشيطان إما استدراك للإنسان فى مسالك جانبية تضيع الوقت و تهلك الجهد و إما وضع العراقيل لتفقد الطريق و تضل و تقع و إذا وقعت فقم سريعاً أزل عنك التراب و تجهز للتحدى و إكمال السباق.
و الأمثلة كثيرة و نراها جميعاً يومياً و هى الفكرة الخاطئة المصيطرة ليس فقط على عقول الشباب بل و على عقول الآباء و الأمهات أيضاً يقولون الشباب للهو و اللعب و معرفة الله عند الكبر!!!!!
و هذه الفكرة قاربت العقيدة عند الكثيرين و إن لم يقولوها فهم يعملون بها و لها و لا يأبهون بمن ينادى لطريق الله فأنهم لا يخالفونه الرأى و لكنهم يؤجلون إجابة هذا النداء حتى يصل لسن الشيخوخة.
و على إثر هذه العقيدة تجد الشباب يلهثون وراء الأغانى و الأفلام و الممثلين و يتخذونهم أرباباً من دون الله لأن وقت الله لم يأتى بعد...
لابد أن نعيش وقتنا....
إذا لم أساير العصر سيحدث لى كبت..
هذه بعض العبارات التى نسمعها يومياً و نتيجتها ظفر الشيطان بالكثيرين الذين ألهاهم الأمل و لم يمهلهم ملك الموت أو فتنهم الشيطان للممات فمن الصعب جداً تغيير العادات كلياً عند الشيخوخة فمن شب على شىء شاب عليه و هذه من حكمة تشريع الخالق أن يعود الطفل الصغير على العبادات حتى إذا اشتد عوده مهر بها و أصبحت عادة محمودة ترضى الله و رسوله.
قال الله تعالى:
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {64/ 14}
نقرأ هذه الآية كثيراً و لا نقف عندها .
و قال:
} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ {63/9}
و قال أيضاً:
"إن أمواكم و أولادكم فتنة و الله عنده أجر عظيم"
الزواج و إنجاب الأولاد مسئولية كبيرة أمام الخالق سبحانه و تعالى ليس فقط دنيوياً و لكن أخروياً فحسنات الإبن ستكون بإذن الله فى ميزان حسنات الأبوين إذا كانت التربية حضاً على الطاعات و فعل الخيرات و اتقاء الموبقات.
فأنت ستكونين مسئولة عن أمان هذا البيت: دين زوج و عفة زوج و دين اولاد و دينك أنت، هذا غير تأثيرك فيمن حولك فهل أنت أهل لهذا الحمل و هذه المسئولية؟؟؟؟؟؟
الكثير من الشباب يفكرون فى تكوين أنفسهم قبل الزواج و لكن مادياً فقط فهل فكرت أن تكون مستعداً و مستعدةً لهذه الفتنة؟؟؟
و الكثيرات اللاتى تعطلن جهودهن لا تفكرن أصلاً فى تكوين أنفسهن لهذه الفتنة.
ألا تلاحظوا أن الله أعقبها بالفوز العظيم، فعلاً هو امتحان و لكن يمكننا أن نحول رهبة الإمتحان إلى إحساس بلذة الإمتحان و هو استشعار رضا الله فى كل لحظة، الإحساس الجميل ببناء بيت مسلم أضاف بيتاً إلى البيوت المسلمة و كأنك كتب إسمك فى لوحة الشرف الخاصة بتعمير أرض الله بالبيوت المسلمة الموحدة.
و تجهز لهذه الفتن ب:
الإستعانة بالله
فعندما يكون الهدف عبادة الله... بعد أن كنت أعبده وحدى الآن أعبده فى جماعة فصلاتى ستترتفع درجاتها 27 درجة فعند حضى على الصلاة لأولادى سيكون لى ثواب و عند مواجهة أى طارىء أهرع و أسرتى إلى الله و لا أسمح لأى عائق أن يعيقنى عن العبادة بل أستعين بها على الشيطان....خسر من لم يجعل زواجه طريق إلى الله
و الإستعانة بالله على اتقاء هذه الفتن التى قد تبعد عن طريق الله هو خط الدفاع الأول و هى الوظيفة الأساسية التى خلقنا الله من أجلها.
و من السلبيات :ان نجد الكثير من الآباء يجتهدوا فى جمع الأموال على حساب تربية أولادهم بشكل مستميت و قد أنزل الله فى هؤلاء حديثاً قدسياً قاسيا:
"يا بن آدم لا تخف من سلطان مادام سلطانى و ملكى لا يزول، لا تخف من فوات الرزق مادامت خزائنى مملوءة لا تنفذ، خلقت الأشياء كلها ن أجلك و خلقتك من أجلى، فسر فى طاعتى يطعك كل شىء، لى عليك فريضة و لك على رزق، فإن خالفتنى فى فريضتى لم أخالفك فى رزقك. إن رضيت بما قسمته لك أرحت قلبك، و إن لم ترض فوعزتى و جلالى لأسلطن عليك الدنيا تركض فيها كركض الوحوش فى البرية، و لا ينالك منها إلا ما قسمته لك، و كنت عندى مذموماً"
فلقد تكفل الله بالرزق فلم يطالبنا بعبادة الغد فلم تطالبه أنت برزق الغد بل تريد ضمان رزق السنوات المقبلة لك و لأولادك؟؟؟؟؟؟؟؟
أنت لا ترزق نفسك و لكن الله يرزقك و لم تخلق لجمع المال........لقد تكفل الله برزقك و رزق غيرك من الكائنات و لكن خلقت لتعبد الله وسط هذه الفتن و لذلك كانت سلعة الله و هى الجنة غالية لأنك تخلص بعبادتك لله دون هذه العوائق فلقد قال الله تعالى:
" و لقد خلقنا الإنسان فى كبد"
تخيل أن حياتنا الدنيا ما هى إلا سباق إلى الله سبحانه و تعالى يمسك فيه الله بحبل و تمسك أنت بالطرف الآخر من الحبل و مادمت ممسكاُ به فإنك على الطريق القويم، هذا الحبل هو القرآن الكريم.
و الفتن فى هذا السباق هى كل ما يعيقك عن السير و الهرولة و الجرى أحياناً و كلما سقطت تذكر أن السباق طويل و الكثيرين يجتهدون للوصول قبلك و الفوز بالسلعة الغالية و ملىء الدرجات العليا منها.
فهل سنظل فى انتظار هذا القادم مضيعين لأوقاتنا و جهودنا هباءً فى غير طريق الحق؟؟؟؟؟؟
قالوا قديماً: إن لم تشغل نفسك بالحق شغلتك بالباطل"
كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يدعو لأمته دائماً أن يجنبها الله الفتن فالأجدر بنا أن نستعين بالله على فتن المال و الولد و نتقبل ابتلاء الله و إختباره بالتضرع و التذلل كى يكتب لنا النجاة و الصبر و القدرة على الظفر بسلعة الله الغالية و الفوز برضاة دون سخطة و نعيمه دون عذابه.
فما التوفيق كل التوفيق إلا بالله و ما القدرة إلا به جل و علا.
فهل من مدكر؟؟
اللهم ارزقنا قلوباً مستنيرة فالقلب إذا وعى و نضج و فقه استنار بنور الحق و إذا كان القلب موصولاً بالله كان القلب مسنيراً سليماً من أسقام الأفكار المنحرفة و الأهواء الضالة المضلة.
اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها و ما بطن.
اللهم اجعل أوقاتنا كلها فى سبيلك جدها و هزلها.