اللهم ارزقنا حبك!!!!
الحب ماء الحياة .. وغذاء الروح ..
بالحب تشرق الوجوه .. وتبتسم الشفاه .. وتتألق العيون ..
بالحب وحده تقع جماجم المحاربين على الأرض كأنها الدنانير لأنهم
أحبوا مبدأهم .. وتسيل نفوسهم على شفرات السيوف لأنهم أحبوا رسالتهم
أحب الصحابة المنهج وصاحبه والرسالة وحاملها .. فتقطعوا على رؤوس
الرماح طلبا للرضا في بدر وأحد وحنين .. وهجروا الطعام والشراب
والشهوات في هواجر مكة والمدينة .. وتجافوا عن المضاجع في ثلث
الليل الغابر .. وأنفقوا النفائس طلبا لمرضاة الحبيب ...
لما أحب الخليل صارت له النار بردا وسلاما ..
ولما أحب الكليم انفلق له البحر ..
ولما أحب خاتمهم حن له الجذع .. وانشق له القمر ..
بالحب صاح حرام بن ملحان مقتولا : فزت ورب الكعبة ..
بالحب نادى عمير بن الحمام إلى الجنة مستعجلا : إنها لحياة طويلة
إذا بقيت حتى آكل هذه التمرات ..
بالحب صرخ عبد الله بن عمرو الأنصاري : اللهم خذ من دمي هذا
اليوم حتى ترضى ..
كان أنس بن النضر رضي الله عنه يقول يوم أحد لسعد : إليك
عني يا سعد ، فوالذي نفسي بيده إني لأجد ريح الجنة من دون أحد
فقاتل حتى قتل شهيدا ، وبه أكثر من ثمانين ضربة وطعنة ..
وسأل عبد الله بن جحش ربه في أحد أن يلاقي بينه وبين كافر قوي البأس
فيقتل عبد الله ويبقر بطنه ، ويجدع أنفه ، ويفقأ عينه ، ويقطع أذنيه ، فإذا
سأله الله يوم القيامة : لم صنع بك يا عبد الله ذلك ؟ يقول :
يارب .. فيك هذا !!
فكان ما تمنى من القتل والتمثيل بجثته ..
وهذا عثمان بن عفان رضي الله عنه لما أنفق أمواله في سبيل الله ، حبا
فيما عند الله وطمعا في مرضاته ، كان جزاؤه قوله صلى الله عليه وسلم له :
} اللهم ارض عن عثمان فإني قد رضيت عنه ..
ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم {
وانظر إلى الصحابي الذي داوم على قراءة قل هو الله أحد في كل ركعة
بأصحابه حبا في السورة لأن فيها صفة الرحمن ، فقال
صلى الله عليه وسلم له : }حبك إياها أدخلك الجنة { ..
وقال أحد الأنصار قبل معركة أحد : يارسول الله :
أخرج بنا إلى أحد نقاتل المشركين فوالله لأدخلن الجنة
قال : بماذا تدخل الجنة ؟
قال : بأني أحب الله ورسوله ، ولا أفر يوم الزحف ..
قل لي بربك .. من منا يذهب إلى الموت نشيطا كما ذهب إليه
ماعز والغامدية !!!
فهذا ماعز يعترف على نفسه بالزنا ويطلب إقامة الحد ، وهو يعلم أن فيه
ذهاب روحه ، ويستمر على إقراره ، ويثبت على اعترافه ، ويصابر
الحجارة حتى يهلك تحتها ، فكان جزاؤه أن ينغمس في أنهار الجنة ..
وهذه امرأة تقر على نفسها بالزنا فيعيدها صلى الله عليه وسلم حتى تضع
حملها ثم ترضعه ثم تفطمه ، وهي باقيه على الإقرار ، طالبة
لإقامة الحد ، ساعية لتطهير نفسها ، خائفة من لقاء مولاها ، مستهينة
بفضيحة الدنيا بجانب عذاب الآخرة ، فلما أقيم عليها الحد ثبتت تحت الحجارة
حتى ذهبت نفسها ، فكان ثوابها أن يقول فيها صلى الله عليه وسلم :
} والذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له { ..
وبعد .. إعلم يا أخي أن أسعد الناس وأحسنهم حالا يوم القيامة أقواهم
حبا لله تعالى ..
وما أعظم نعيم المحب إذا قدم على محبوبه بعد طول شوقه ، وتمكن
من مشاهدته من غير منغص ولا مكدر ..
إذا كان حب الهائمين من الورى بليلى وسلمى يسلب اللب والعقلا
فماذا عسى أن يصنع الهائم الذي سرى قلبه شوقا إلى العالم الأعلى