نعيم القبر وجمالات الاخرة
المقدمة
الحمد لله ، علم القرآن ، خلق الإنسان ، علمه البيان ، نحمده و نشكره ، و نتوب إليه
و نستغفره ، لا إله غيره ، و لا معبود سواه ، و الصلاة و السلام على سيدنا محمــد
الصراط المستقيم بين الحق و الخلق ، و الحصن لكل موجود ، و الرحمة العظـمــى
لجميع العلم ، و على آله الطيبين الطاهرين ، و ورثته .
آما بعد ،،
لقد كثرت فى الآونة الخيرة الكتب التى تتناول عذاب القبر و وحشته ، و تركزت
موضوعاتها على جانب الترهيب و التخويف ، بطريقة قد تصل بالبعض الى اليأس
من رحمة ربه . و لقد أوصانا نبينا أن نحسن الظن بالله تعالى فى قـــولـــه
: ( لا يموتن أحدكم حتى يحسن الظن بالله ، فإن حسن الظن بالله ثمن الجنة )
و قال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه : ( و الله الذى لا إله غيره ، لا يحسن
احد الظن بالله إلا أعطاه الله ظنه ، و ذلك أن الخير بيده ) كل ذلك مصداقا لقول
المولى جل و علا فى الحديث القدسى الذى ذكره لنا سيدنا رسول الله :
( إن الله يقول : أنا عند ظن عبدى بى ، و آنا معه إذا دعانى )
و هذا الكتيب ( نعيم القبر و جمالات الآخرة ) يتناول رحلة الإنسان ،
بداية من النشأة الروحانية ، إلى النشأة الكونية ، الى البرزخ ، ثم
البعث و الحشر ، و يقود المسلم الى مسرات الحياة الآخرة و نعيمها
و جمالاتها .
من أراد المزيد فليطالع كتاب نعيم القبر و جمالات الآخرة
للإمام المجدد / السيد محمد ماضى أبو العزائم
فاستبقوا الخيرات
الحياة الدنيا
المؤمن اذا ذا ق حلاوة الإيمان وعلم شعبة وفهم أسرار الأوامر والنواهي ووفقه الله سبحانه وتعالى للتمسك بالعروة الوثقى وأعانه سبحانه على إن يسير على الصراط المستقيم بنشاط و سخاء و شجاعة وانشراح صد ر وسكون نفس إلى جناب القد س الأعلى وطمأنينة قلب بالحق تنكشف له الدنيا عن حقيقتها وعن سر ما خلقت له فيعمل فيها عمل المتزود منها المد خر فيها لآجلة الذى يكنز الكنز العظيم لينتفع بما فيه عند الضرورة والحاجة اخذا منها لوقته مالا بد له منة لحفظ كيانه و اله بقدر الحاجة التى تلزم مثله من زاد لنفسه ولأهله وأولاده وبلغه تبلغه ما أوجبه علية مولاه من إغاثة ملهوف وإجابة سائل ومعونة مضطر وتأدية فريضة حج او جهاد او نفقه على من تلزمه .
مراقبا فى ذلك الأوجه التى نهجها له الشرع ملاحظا ان ذلك عمل لمولاه سبحانه وتأدية واجب الذى أوجبه الله عليه لنفسه ولغيره فيكون فى عمله للدنيا عاملا من عمال الله تعالى حاضرا فى معية الحق مجملا برضاه سبحانه فى حصون الحفظ وولاية الولى وتكون الدنيا له ليست دنيا ولكنها سوق تجارة رابحة ويكون المؤمن العامل بهذا هو الياسر الفالح فيها ينتظر الفضل العظيم والفرج القريب (انتظار الفرج عبادة) وبذلك يدوم انسه ويطيب وقته .
يا قلب فكر ... تر الدنيا أباطيلا
خل الهوى ... و ادكر فاللهو مفسدة
الموت يا قلب إن حققت نازلة
و الدار دار بلاء إن رضيت بها
دنياك دار فناء لا بقاء لها
الموت عبرة من فازوا بسابقة
فروا إلى الله من دنيا و آخرة
أحياهمو الحب فى شغل بخالقهم
و أقرأ أيا قلبى قرآنا و تنزيلا
أقبل على الله تعط الخير مأمولا
لم يبق حيا فخل القال و القيلا
و كيف ترضى بدار البعد مأمولا
أقبل على الله تعط الخير موصولا
من ربهم لم يروا زورا و تأويلا
لم يشهدوا عمرهم غيرا و تبديلا
حتى به اتصلوا قربا و تمثيلا
الجنة العاجلة هى جنة الرضا والشهود:
و الجنة جنتان قال تعالى (ولمن خاف مقام ربه جنتان) والجنتان عاجلة وهىلأهل مقام الإحسان وآجلة وهى لهم ولأهل مقام الإيمان الذين فارقوا الدنيا على الإسلام فالجنة العاجلة هى جنة الرضا عن الله تعالى وهى جنة الشهود وطمأنينة القلب بذكر الله تعالى عند كل شأن من الشؤون والكون كل جنة لأهل الرضا وهم الذين تنقلب لهم الحقائق لأنهم عند ربهم قال تعالى(قلنا ياناركونى بردا وسلاما على إبراهيم) وقال (أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم) وما تقول أيها المشتاق الى الجنة العاجلة فى قوم عند ربهم لهم ما يشاءون؟ او تقول فى قوم أعانهم الله تعالى فجاهدوا فهداهم سبله فرفعهم الى مقام القرب حيث قوله (فأينما تولوا فثم وجه لله) فمن جعل الله لهم المشيئة منحهم الملك الكبير ومن جاهدوا فهداهم سبله تفضل عليهم بالنعيم فالجنة العاجلة جنة الأرواح التى تجردت من مقتضيات عناصرها ففرت الى الله بجاذبة عناية وجنة النعيم المقيم لمن خضعوا لسلطان الشريعة فكانت الدنيا سجنا لهم وان صرفهم الله فيها أكمل التصريف فى الكون لأنهم تحت سلطان الشريعة فى تصرفاتهم .
الغضب لله عين الرضا عنه سبحان
فضائل الرضا
قال الله تعالى ( رضى الله عنهم ورضوا عنه) وقال تعالى (هل جزاء الاحسان الا الاحسان) فمن أحسن الرضا عن الله تعالى جازاه الله بالرضا عنه وقد رفع الله تعالى الرضا على جنات عدن لأنه من أعلى مقامات اليقين فرفعه على جنات عدن التى هى من اعلى الجنان كما فضل الذكر فى الصلاة فقال تعالى ( و مساكن طيبة فى جنات عدن ورضوان من الله اكبر ) والذكر عند الذاكرين اذين هم أهل الذكر هو المشاهدة فمشاهدة الله تعالى فى الصلاة اكبر من الصلاة وان فسر هذه الاية بعض العارفين بان معنى ( ولذكر الله اكبر) ان الله اذا ذكر العبد كان ذكره اكبر من ذكر العبد لله واستجسن التاويل الاول لان الذكر عند العارفين لا معنى له الا المشاهدة فالرضوان الاكبر جزاء اهل الذكر الاكبر لان الذاكرين ذكروه بالمشاهدة فاعطه الرضا عنه عز وجل قال رسول الله(ص) ( يتجلى لنا ربنا ضاحكا )
وقد روينا عن النبى (ص) حديثا من طرق اهل البيت ( اذا احب الله عبدا ابتلاه فاذا صبر اجتباه وان رضى اصطفاه) وفى اخبار موسى عليه السلام ان بنى اسرائيل قالوا سل ربك امرا اذ فعلناه يرضى به عنا قال موسى : الهى فقد سمعت مايقولون فقال : يا موسى قل لهم يرضون عنى حتى ارضى عنهم وعن نبينا عليه الصلاة والسلام : من احب ان يعلم ما له عند الله فلينظر ما لله عنده فان الله ينزل العبد منه بحيث انزله من نفسه . عن انس بن مالك عن النبى 0ص) ( اذا كان يوم القيامة انيت الله لطائفة من امتى اجنحة فيطيرون من قبورهم الى الجنان يسرحون فيها ويتنعمون كيف شاءوا فتقول لهم الملائكة : من امة من انتم ؟ فيقولون : من امة محمد ( ص) فيقولون : ناشدناكم الله حدثونا ما كانت اعمالكم فى الدنيا ؟ فيقولون خصلتان كانت فينا فبلغنا الله هذه المنزلة بفضل رحمته فيقولون : وما هما ؟ فيقولون : كنا اذا خلونا نستحى ان نعصيه ونرضى باليسير مما قسم الله لنا فتقول الملائكة : يحق لكم هذا. وعنه عليه الصلاة والسلام انه قال : من رضى من الله بالقليل من الرزق رضى الله عنه بالقليل من العمل وقال بعض علمائنا : اعرف فى الموتى اناس ينظرون الى منازلهم من الجنان فى قبورهم يغدى عليهم ويراح من الجنة بكرة وعشيا وهم فى غموم وكروب فى البرزخ لو قسمت على اهل البصرة لماتوا اجمعين قيل : وما كانت اعمالهم ؟ قال : كانوا مسلمين الا انهم لم يكن اهم من التوكل ولا من الرضا نصيب .وفى اخبار داود عليه الصلاة والسلام ( ما لأوليائى والهم بالدنيا ؟ ان الهم يذهب حلاوة مناجاتى من قلوبهم )وفى بعضها يا داوودإياك والاهتمام بالدنيا محبتى من اوليائى ان يكونوا روحانين لا يغتمون اياك والغم ولا تهتم للخير وانت تريدنى
حالة المؤمن عند لقاء ربه :
عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله " إذا احتضر المؤمن أتت ملائكة الرحمة بحريرة بيضاء فيقولون : اخرجى راضية مرضيا عنك الى روح و ريحان ، و رب غير غضبان ، فتخرج كأطيب ريح المسك ، حتى أنه ليناوله بعضهم بعضا حتى يأتوا به أبواب السماء ، فيقولون : ما أطيب هذه الريح التى جاءتكم من الأرض ، فيأتون به أرواح المؤمنين ، فإنهم أشد فرحا به من أحدكم بغائبه يقدم عليه فيسألونه : ماذا فعل فلان ؟ فيقولون دعوه فإنه كان فى غم الدنيا ، فإذا قال : فلان قد مات ما أتاكم ؟ قال : ذهب به الى أمه الهاوية ........
من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه :
عن عائشة قالت : قال رسول الله " من أحب لقاء الله ، أحب الله لقاءه و من كره لقاء الله ، كره الله لقاءه ، و الموت قبل لقاء الله )
عن عائشة قالت : قال رسول الله " من أحب لقاء الله ، أحب الله لقاءه و من كره لقاء الله ، كره الله لقاءه " فقلت : يا نبى الله ! أكراهية الموت ؟ فكلنا نكره الموت ، فقال : " ليس كذلك ، و لكن المؤمن إذا بشر برحمة الله و رضوانه و جنته ، أحب لقاء الله ، فأحب الله لقاءه ، و إن الكافر إذا بشر بعذاب الله و سخطه ، كره لقاء الله ، و كره الله لقاءه )
حسن الظن بالله ثمن الجنة :
روى مسلم عن جابر قال : سمعت رسول الله يقول: " لا يموتن أحدكم إلا هو يحسن الظن بالله )
عن أبى هريرة قال : قال رسول الله " إن الله يقول : انا عند ظن عبدى بى و أنا معه إذا دعانى "
قال رسول الله " إن الله يقول : أنا عند ظن عبدى بى ، فليظن بى ما شاء "
و روى حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس ببن مالك رضى الله عنه ققال : قال رسول الله " لا يموتن احدكم ، حتى يحسن الظن بالله ، فإن حسن الظن بالله ثمن الجنة "
الحياة البرزخية
دفن المؤمن بجوار أولياء الله الصالحين تباركا بهم :
خرج أبو سعيد المالينى فى كتاب المؤتلف و المختلف ، و أبو بكر الخرائطى فى كتاب القبور ، من حديث سفيان الثورى عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن الحنفية عن على رضى الله عنه قال : امرنا رسول الله أن ندفن موتانا وسط قوم صالحين ، فإن الموتى يتأذون بالجار السوء كما يتأذى به الأحياء .
و عن ابن عباس عن النبى قال : " إذا مات لأحدكم الميت فحسنوا كفنه ، و عجلوا انجاز وصيته ، و أعمقوا له فى قبره و جنبوه جار السوء " قيل يا رسول الله و هل ينفع الجار الصالح فى الآخرة ؟ قال : " هل ينفع فى الدنيا ؟ " قالوا : نعم . قال : " كذلك ينفع فى الآخرة " ذكره الزمخشرى فى كتاب ربيع الأبرار ، و خرجه أبو نعيم الحافظ بإسناده من حديث مالك عن أبيه عن أبى هريرة : قال : قال رسول الله " ادفنوا موتاكم وسط قوم صالحين فإن الميت يتأذى بالجار السوء "
من انواع نعيم القبر :
جاء فى حديث البخارى و مسلم : " أنه يفسح له سبعون ذراعا "
و فى حديث أبى هريرة " ..... ثم يفسح له فى قبره سبعون ذراعا فى سبعين ، ثم ينور له فيه ، ثم يقال : نم فيقول : أرجع الى أهلى فأخبرهم ، فيقولان : نم كنومة العروس الذى لا يوقظه إلا أحب أهله إليه ، حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك "
و فى حديث أنس " ...... و يملأ عليه خضرا الى يوم يبعثون "
و فى حديث البراء " ...... و يفسح له فى قبره مد بصره "
و فى حديث البراء " ..... فأفرشوه من الجنة و ألبسوه من الجنة ، و افتحوا له بابا إلى الجنة فيأتيه من ريحها و طيبها .... "
و فى حديث أبى هريرة و كذا حديث عائشة " ثم يفرج له فرجة قبل الجنة ، فينظر الى زهرتها و ما فيها ........ "
و فى حديث أبى سعيد " فيفتح له باب الجنة فيريد أن ينهض إليه فيقال له : اسكن ، و يفسح له فى قبره "
الأنبياء و الأولياء أحياء فى قبورهم :
قال الله تعالى : ( بل أحياء عند ربهم يرزقون ) و لذلك لا يغسلون و لا يصلى عليهم ، ثبت ذلك فى الأحاديث الصحيحة فى شهداء أحد و غيرهم ، قال رسول الله : ( إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة ، فيه خلق آدم ، و فيه قبض ، و فيه النفخة ، و فيه الصعقة ، فأكثروا على من الصلاة فيه ، فإن صلاتكم معروضة على ، قالوا : يا رسول الله و كيف تعرض صلاتنا عليك و قد أرمت ؟ - بمعنى بليت – فقال : ( إن الله عز و جل حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء )
عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله : " الأنبياء أحياء فى قبورهم يصلون "
عن أبى مسعود الأنصارى قال : قال رسول الله : " أكثروا الصلاة على فى يوم الجمعة ، فإنه ليس يصلى على أحد يوم الجمعة إلا عرضت على صلاته " .
عن أوس بن أوس قال : قال رسول الله ( إن أفضل أيامكم يوم الجمعة ، فيه خلق آدم ، و فيه قبض ، و فيه النفخة ، و فيه الصعقة ، فأكثروا على من الصلاة فيه ، فإن صلاتكم معروضة على ، إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء )
عن انس بن مالك قال : قال رسول الله " مررت ليلة أسرى بى على موسى عليه السلام يصلى فى قبره "
الأولياء يقرأون القرآن فى قبورهم :
اخرج الترمذى وحسنه الحاكم والبيهقى عن ابن عباس قال/ ضرب بعض اصحاب النبى خباءة على قبروهو لا يحسب انه قبرفأذا فيه أنسان يقرا سورة الملك حتى ختمها فأتى النبى فأخبره فقال النبى هى المانعة هى المنجية تنجية من عذاب القبر قال ابو القاسم السعدى فى كتاب الافصاح هذا تصديق من رسول الله بأن الميت يقرأ فى قبره فان عبد الله اخبره بذلك وصدقه رسول الله