سمعتُ أبا يزيدَ البسْطاميِّ - وسُئِل: " ما علامةُ العارِف؟ " . فقال: " ألا يَفْتُر مِنْ ذِكْره، ولا يَمَلَّ من حقِّه، ولا يستأنِسَ بغيره " 20 - قال، وقال أبو يزيدَ: " إنَّ الله تعالى أَمَرَ العِبادَ ونَهاهُم، فأَطاعُوه، فَخَلَعَ عليْهمْ خِلعَه، فاشتَغَلُوا بالخِلَع عنُه، وإني لا أُرِيدُ من اللهِ إلا اللهَ " .
21 - قال، وقال أبو يزيد: " غلِطْتُ في ابتدائي في أربعة أشياء: تَوَهَّمْتُ أَنِّى أَذْكُرُه،وأَعْرِفُه،وأُحِبُّه، وأَطْلُبُه. فلما انتهيتُ،رأَيتُ ذِكْرَه سبق ذِكْرِى، ومعرفَتَه تقدمَتْ مَعرفتي، ومحبَّته أقدمَ مِن محبَّتي، وطلبه لي أولا حتى طلبته " .
* * * 22 - سمعت أبا الفَرَج الوَرْثَانىَّ، عبدَ الواحِد بن بَكْرٍ، يقولُ:قال الحسنُ بنُ ابرهيمَ الدَّامِغَانىُّ: حدثنا موسى بنُ عيسى، قال:سمعتُ أبِى يقول:سمعتُ أبا يزيدَ يقول: " اللهمَّ إنك خلقتَ هذا الخلقَ بغير عِلْمِهم، وقلَّدْتَهُم أمانةً من غير إرادتهم؛ فإنْ لَمْ تُعِنْهُمْ فمن يُعِينُهُم؟! " .
* * * 23 - سمعتُ أبا الحسنِ، علىَّ بن محمد، القَزْوينىَّ الصُّوفي، يقول: سمعتُ أبا الطَّيِّبُ العَكِّى، يقول: سمعتُ ابنَ الأنْبارِىِّ، يقول: قال بعضُ تلامذِة أبى يزيد: قال لى أبو يزيدَ البسْطامِيُّ: " إذا صَحِبكَ إنسان، وأساءَ عشرتك، فادْخُل عليه بحسن أخلاقكَ يطيبُ عيشُك. وإذا أُنِعمً عليك، فابدأ بشكر الله عز وجلَّ، فإنهُ الذي عَطَف عليك القلوبَ. وإذا ابتُليتَ فأَسْرِع الاستِقالةَ؛ فإنَّهُ القادرُ على كشفِها، دونَ سائر الخلقِ. " * * * 24 - سمعت عبدَ الواحدِ بنَ بكرٍ، يقول: سمعت القَنَّادَ، يقول: قال أبو موسى الدَّيْبُلِىُّ، سمعت أبا يزيدَ البِسْطامِىَّ، يقول: " إن اللهَ يرزقُ العبادَ الحلاوةَ، فمن أَجْلِ فرحِهم بها يمنُعم القُرْب " .
* * *
25 - سمعتُ أحمد بنَ علىٍّ بن جعفر، يقولُ: سمعت الحَسَن بن عَلَّوَيْه، يقول: قال أبو يزيدَ: " المعرفةُ ذاتِ الحقِّ جهلٌ، والعلمُ في حقيقةِ المعرفةِ حيرةٌ، والإشارةُ - من الُشير - شِرْكٌ في الإشارة. وأبعدُ الخلقِ من الله، أكثرُهُمْ إشارة إليه .
* * * 26 - سمعت أبا الحُسَينِ الفارسيَّ، يقول: سمعت الحَسَن بن عَلَّوَيْه، يقول: سُئِل أبو يزيد: " بأيِّ شيءٍ وجدتَ هذه المعرفَة؟ " . فقال: " ببطنٍ جائع، وبدنٍ عارٍ " .
27 - وبإسنادهِ، قال أبو يزيدَ: " العارفُ هَمُّه ما يَأْمَلُه، والزاهدُ هَمُّه ما يَأْكُله " .
28 - وبإسناده، و بإسناده، قال أبو يزيدَ: " طَوبَى لمن كان هَمُّه هَمًّا واحداً، و لم يشغَلْ قلبَه بما رأتْ عيناه، و سمعتْ أَذُناه " .
29 - و بإسناده، قال أبو يزيدَ: " من عرفَ اللهَ فَإنَّهُ يزهد في كلِّ شيءٍ يشغلُه عنهُ " .
30 - و بإسناده قال: سئل أبو يزيدَ عن السُّنَّة و الفريضةِ. فقال: " السُّنَّةُ تركُ الدنيا، و الفريضةُ الصُّحْبةُ مع المولَى؛ لأنَّ السنةَ كلها تدلُّ على تركِ الدنيا، و الكتابُ كلُّه يدلُّ على صحبةِ المولى. فمن تعلَّم السنةَ و الفريضةَ فقد كَمُل " .