عادل محمد زايد
عدد المساهمات : 4107 تاريخ التسجيل : 30/01/2009 العمر : 37 الموقع : المشرف علي المنتدي
| موضوع: نوره جل جلاله الجمعة أغسطس 28, 2009 3:45 pm | |
| نوره جل جلاله
--- > مثل نوره جل جلاله > > قال الله جل جلاله; > اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ > نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ > فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ > دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارسيدنا محمد صلى الله علية وسلمةٍ > زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ > يسيدنا محمد صلى الله علية وسلمادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ > نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ > مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ > لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ > (النور:35) > أولاً- هذه الآية الكريمة تتحدث عن سلطان الله جل > جلاله في هذا الوجود، وامتلاكه لناصية كل موجود فيه. > ففيها يخبر سبحانه وتعالى عن نفسه بأنه نور السموات > والأرض، ثم يضرب لنوره مثلاً بنور مصباح، قد اجتمعت > فيه أسباب الإضاءة كلها على أحسن وجه وأكمله، فبدا > نوره صافيًا قويًّا متلألأً، ينير كل ما حوله. ثم أخبر > سبحانه أنه يهدي لنوره من يشاء من عباده، وأن مشيئته > سبحانه تابعة لحكمته وعلمه بالأشياء كلها دقيقها > وعظيمها، صغيرها وكبيرها، لا يغيب من ذلك شيء عن علمه > سبحانه. > وقد سبق ذلك قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ > أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آَيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ > وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ > وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ﴾(النور: 34) > وهو تعقيب لما سبقه في هذه السورة الكريمة، التي > سمَّاها الله تعالى: سورة النور، ووصفها > بقوله:﴿ سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا > وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ > تَذَكَّرُونَ ﴾(النور: 1) > فدل ذلك على أنها جملة من الحدود والأحكام والحكم > والآداب، والأخلاق، والمواعظ، قد فرضت فرضًا على سبيل > القطع والإلزام، لما في ذلك من تطهير للمجتمع من > الفساد والفوضى، واختلاط الأنساب، والانحلال الخلقي، > ومن حفظ للأمة من عوامل التردي في بؤرة الإِباحية > والفساد، التي تُسبب ضياع الأنساب، وذهاب الشرف > والأعراض، وبناء مجتمع فاضل، يقوم على العدل والحق > والخير. > والإخبار عن هذه السورة بلفظ النكرة هكذا:﴿ > سُورَةٌ ﴾، ثم وصفها بما تلاه من صفات:﴿ > أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا > آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ > ﴾، فيه من الفخامة من حيث الذات، ومن حيث > الصفات ما لا يخفى، فكان من المناسب جدًّا أن يأتي > الله سبحانه بعد ذلك بهذا التعقيب، الذي ضمَّنه هذا > الوصف الجليل للقرآن الكريم، الذي تضمن هذا التقسيم > الثلاثي لما جاء فيه، فبيَّن سبحانه وتعالى: > 1- أنه آيات مُبيِّنات:﴿ وَلَقَدْ > أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آَيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ > ﴾. أي: مُوضِّحات لأحكام الدين وحدوده، لا تدع > مجالاً للشك، أو الغموض، والتأويل, والانحراف عن منهج > الله القويم. ويدخل في عموم هذه الآيات المبيِّنات > الآيات البيِّنات، التي أخبر الله تعالى عن إنزالها في > هذه السورة: > ﴿ وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ > ﴾ > فهذه بيِّنات في أنفسها، وتلك مع كونها بيِّنات في > أنفسها مُبيِّنات لغيرها. > 2- أنه مثل من الذين خَلَوْا من قبلنا:﴿ > وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ > ﴾، وهو المراد بما ذكره الله تعالى في كتابه من > أحوال الأمم الغابرة وقصصهم، التي يعتبر بها، ويقاس > عليها أحوال الأمم المستقبلة؛ كما قال تعالى: > ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ > لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ ﴾(يوسف: 111) > ومن هذه القصص- التي فيها العبرة لمن أراد أن يعتبر- > ما أخبر الله تعالى عنه في هذه السورة المباركة من قصة > مريم، التي رماها قومها بالفاحشة، فبرَّأها الله > تعالى. فهذه القصة فد جعلها الله تعالى مَثَلاً لكل > قصة تماثلها؛ كقصة عائشة- رضي الله عنها- التي رماها > أهل الإفك من قومها بما لا يليق بها، فأظهر الله تعالى > براءتها في هذه السورة المباركة. > 3- أنه ﴿ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ > ﴾، الذين تستشعر قلوبهم رقابة الله، فتخشى > وتستقيم، وكذلك هو موعظة للكفرة الضالين. وإنما خَصَّ > المتقين بالذكر؛ ليبين أنهم هم الذين اتعظوا، وانتفعوا > بتلك المواعظ. ونظير ذلك قوله تعالى: > ﴿ إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ > وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ ﴾(يس: 11) > وقد كان عليه الصلاة والسلام منذرًا لكل الناس؛ > ولكنه خصَّ الذين اتبعوا الذكر، وخشوا الرحمن بالغيب؛ > لأنهم هم الذين انتفعوا بالإنذار. ثم تلا ذلك قول الله > جل وعلا: > ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ > مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ﴾ > إلى قوله: ﴿ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ > لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ > ﴾(النور: 35) > فبين سبحانه وتعالى أن كل ما أنزله من آيات بيِّنات، > ومُبيِّنات، وما فرضه من أحكام، وما حَدَّه من حدود، > وما ذكره من أحوال الأولين والآخرين وقصصهم، وما ذكره > من أوامرَ، ونواهٍ، ومواعظَ، في هذه السورة المباركة > خاصة، وفي القرآن الكريم عامة؛ إنما هو نور مستمد من > نوره سبحانه؛ ولهذا سمَّى هذه السورة:{ سورة النور }. > وهكذا تتناسق الآيات مع بعضها البعض في سلك رفيع من > النظم بديع ! > ثانيًا- قوله تعالى:﴿ اللَّهُ نُورُ > السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ > يقتضي ظاهره أنه سبحانه وتعالى في نفسه نور. ولما > كان النور- في لغة العرب- يعني الضوء المدرَك بالبصر، > حمل جمهور المفسرين إسناده إلى الله عز وجل على > المجاز. وإسناده- عندهم- على اعتبارين: > إما على اعتبار أنه بمعنى: اسم الفاعل. وعليه يكون > التقدير: > ﴿ اللَّهُ مُنَوِّرُ السَّمَاوَاتِ > وَالْأَرْضِ ﴾ > أو على اعتبار حذف مضاف، تقديره: > ﴿ اللَّهُ ذُو نُورِ السَّمَاوَاتِ > وَالْأَرْضِ ﴾ > أما كونه بمعنى اسم الفاعل فهو مروي عن الحسن وأبي > العالية والضحاك. وعليه جماعة من المفسرين، ويؤيده > قراءة بعضهم:﴿ مُنَوِّرُ ﴾، وكذا قراءة > علي- رضي الله عنه- وأبي جعفر، وغيرهما:﴿ > نَوَّرَ الأرضَ ﴾ فعلاً ماضيًا، ومفعولاً به. > وروي عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه فسَّر نور > السماوات بهادي أهل السماوات والأرض. وبمدبِّر الأمر > فيهما، وروي ذلك عن مجاهد أيضًا. > وجعل ذلك بعضهم من التشبيه البليغ، ووَجْهُ الشَّبَه > كونُ كل من التدبير والنور سبب الاهتداء إلى المصالح، > ويؤيده ما أخرجه الطبري عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- > من قوله:” إن إلهي يقول: نوري هُدَايَ “. فشبَّه > سبحانه وتعالى نوره بهداه. > وهذا- كما قال ابن قيِّم الجوزية- إنما يرجع إلى > فعله سبحانه، وإلا فالنور، الذي هو وَصْفٌ من أوصافه > جل وعلا قائمُ به، ومنه اشْتُقَّ له اسم النور، الذي > هو أحد أسمائه الحسنى. فهذا اسمه، وذاك فعله، ولا > تَنافِيَ بين الاسم والفعل، وقد عُلِمَ أن كل ما هو > نورٌ فهو مُنَوِّرٌ لغيره، فهما متلازمان. > وكان بعض العارفين يرى أن النور هو اسم الله الأعظم. > وفي( لسان العرب ) لابن منظور:” في أسماء الله تعالى > النُّورُ. قال ابن الأثير: هو الذي يبصِر بنوره ذو > العَمايَة، ويرشُد بهداه ذو الغِوايَة. وقيل: هو > الظاهر، الذي به كلُّ ظهور. والظاهرُ في نفسه، > المُظْهِرُ لغيره يسمَّى: نورًا.. قال أبو منصور: > والنور من صفات الله عز وجل “. > وقال ابن قيِّم الجوزية:” إن النور جاء في أسمائه > تعالى، وهذا الاسم مما تلقته الأمة بالقبول، وأثبتوه > في أسمائه الحسنى، ولم ينكره أحد من السلف، ولا أحد من > أئمة أهل السنة. ومحالٌ أن يسمِّي نفسه نورًا، وليس له > نور، ولا صفة النور ثابتة له؛ كما أن من المستحيل أن > يكون عليمًا قديرًا سميعًا بصيرًا، ولا علم له ولا > قدرة؛ بل صحةُ هذه الأسماء عليه مستلزمةٌ لثبوت > معانيها له، وانتفاءُ حقائقها عنه مستلزمةٌ لنفيها > عنه، والثاني باطل قطعًا فتعين الأول “. > فكونُ النور اسمًا من أسمائه تعالى، أو وَصْفًا من > أوْصَافه، لا يمنع أن يكون منوِّرًا لغيره، > ومُدَبِّرًا لأمره، وهاديًا له؛ لأن من معاني كونه- > سبحانه- نورًا أن يكون مُنَوِّرَ السمواتِ والأرضِ، > ومُدَبِّرَ الأمر فيهما، وهاديَ أهلهما بنوره، الذي > منه قِوامُهُمَا، ومنه نِظامُهُمَا؛ فهو الذي > يهَبُهُما جوهرَ وجودهما، ويودِعُهُما ناموسَهُما، > ويقيم كل موجود في هذا الوجود في مكانه الصحيح، > ويوجِّهه الوِجْهةَ، التي يأتلف فيها مع الوجود، > ويتناغم مع الموجودات؛ فكأن كل ذرة من ذرات هذا الوجود > تعمل في نور، فلا تضلُّ طريقَها أبدًا. > وقد كان من عادة الصحابة- رضوان الله عليهم- أن > يذكروا في تفسيرهم بعض صفات المفسَّر من الأسماء، أو > بعض أنواعه، ولا ينافي ذلك ثبوت بقية صفات المسمَّى. > وإلى هذا أشار الشيخ ابن تيمية بقوله:” ثم قول من قال > من السلف: هادي أهل السماوات والأرض، لا يمنع أن يكون > في نفسه نورًا؛ فإن من عادة السلف في تفسيرهم أن > يذكروا بعض صفات المفَسَّر من الأسماء، أو بعض أنواعه. > ولا ينافي ذلك ثبوت بقية صفات المسمَّى؛ بل قد يكونان > متلازمين “. > ويدل على ذلك ما أخرجه الطبراني عن سعيد بن جبير- > رضي الله عنه- من قوله:” كان ابن عباس يقول: اللهم! > إني أسألك بنور وجهك، الذي أشرقت له السموات والأرض، > أن تجعلني في حِرْزِك وحفظك وجوارك وتحت كنفك “. > وأخرج الطبراني أيضًا عن عبد الله بن مسعود قوله في > تفسير الآية:” إن ربكم ليس عنده ليل، ولا نهار، نورُ > السماوات والأرض من نور وجهه “. > وقد أخبر الله جل جلاله أن الأرض تشرق بنور ربها يوم > القيامة، إذا جاء لفصل القضاء بين عباده، فقال سبحانه: > ﴿ وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا > وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ > وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ > لَا يُظْلَمُونَ ﴾(الزمر: 69) > وفي الدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم، > وهو عائد من الطائف نافض كفيه من الناس:” أعوذ بنور > وجهك، الذي أشرقت به الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا > والآخرة، أن ينزل بي سخطك، أو يحل علي غضبك“ > وأخرج البخاري، ومسلم، والنسائي، وابن ماجه، > والبيهقي في ( الأسماء والصفات ) عن ابن عباس- رضي > الله عنهما- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، > إذا تهجد في الليل يدعو:” اللهم لك الحمد، أنت رب > السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد، أنت نور السموات > والأرض ومن فيهن، ولك الحمد، أنت قيُّوم السموات > والأرض ومن فيهن “. > قال ابن قيِّم الجوزية:” إن الحديث تضمن ثلاثة أمور، > شاملة عامة للسموات والأرض؛ وهي: ربوبيتهما، > وقيوميتهما، ونورهما. فكونه سبحانه ربًا لهما، وقيومًا > لهما، ونورًا لهما أوصاف له، فآثار ربوبيته، وقيوميته، > ونوره، قائمة بهما. > وصفة الربوبية مقتضاها هو المخلوق المنفصل. وهذا كما > أن صفة الرحمة والقدرة والإرادة والرضى والغضب قائمة > به سبحانه، والرحمة الموجودة في العالم، والإحسان، > والخير، والنعمة، والعقوبة، آثار تلك الصفات، وهي > منفصلة عنه. وهكذا علمه القائم به هو صفته. وأما علوم > عباده فمن آثار علمه، وقدرتهم من آثار قدرته “.
| |
|