ابن الذبيحين
يا ابنَ الذبيحين ..كمْ في ذاك من شَرَفٍ .......... علـى الدهورِ برغـمِ الفقرِ واليُتُـمِ
يا ابنَ الذبيحين ، هذي مكـهُُ لبستْ ......... ثوبَ العروسِ وشـعَّ النورُ فـي الحرمِ
اليـومَ مولـدُ طـه فـاستفقْ طـرباً ......... واصدحْ حمامَ الحمى عزاً على شَمَـمِ
بشـراكِ آمنـةٌ ، بشـراكِ آمنـةٌ ........... هـذا الوليـدُ ، حبيبُ الله فاستلـمي
في يومِ مولدهِ ، كسرى اعتراهُ أسـىً ........ تكحَّـلَ الملـكُ والإيـوانُ بـالنِّقـمِ
ونـارُ فـارسَ إجـلالاً لحضـرتهِ ......... باتتْ ضـراوتُهـا خوفاً .. بلاضَرَمِ
هـذا محمـدُ يا كـلَّ العبيـدِ أتـى ........... مـن ينقـذُ النـاسَ من ظُلْمٍ ومن ظُلَمِ
* * *
هـذا الرضيعُ ، فيـا سعديةُ إنتظري ........ فيضُ النبوةِ مثـلُ الغيثِ في الديـمِ
طوبى حليمـةُ ولتهنـأْ مضـاربُهـا ......... لأجـلِ أحمـدَ طابَ الضرعُ بالغنـمِ
قد يمُنعُ الكونُ من شخصٍ لسـوأتـهِ ......... ويمطـرُ الكـونُ إكـراماً لمحتشـمِ
* * *
جبريلُ هذا فـؤادُ المصطفـى عَبِـقٌ ........... فارسـمْ بـه خـطَّ وحيِِ الله يرتسـمِ
وهِّيءِ القلـبَ للأنـوارِ سـاطعـةً .......... قولٌ ثقيـلٌ سّيُلقـى باهـرُ الكلـمِ
* * *
هذي الشعابُ وهذي مكةٌ شهـدتْ .......... رعـيَ الصبيِّ قطيـعَ الشاءِ والنَّعـَمِ
هـذا اليتيمُ الـذي شاعـتْ أمانتُـهُ ........... فصار يُعـَرفُ في صدقٍ وفـي حُـلُمِ
يمشي الهـوينى فما أحلاهُ مـن قمـرٍ ......... إن يلقـهُ البدر ، ضـوءُ البدرِ لا يدمِ
مفكـرٌ ، مطـرقٌ ، تلقـاه ذا نَظَـرٍ ........ إلـى السماءِ بطـْرف الحاذق الفَهِـم
والعبقـريـاتُ تبـدو باكـراً أبـداً .......... منـذ الطفـولةِ لاتخفى علـى الحكَمَِ
لمـا رأى الراهبُ الشامـيُّ طلعتَـهُ .......... هـذا بشارةُ عيسى قال فـي عِظَـمِ
خَتْـمُ النبـوةِ والإنجيـلُ يـذكـرهُ .......... خَتْـمٌ بـه الآيـةُ الكـبرى لمتهِـمِ
أمـا الغمامةُ ظلْتْ فـوقـه حرسـاً ......... مـن أرضِ مكـةَ حـتى الشامِ كالعَلَم
طـوبى خـديجةُ ما عـاينتِ من خُلُقٍ .......... فـأحمـدٌ حبلُ دربِ اللهِ فاعتصمـي
واهنـأْ محمـدُ فيهـا إنهـا فَـرَجٌ ......... كـم يجعـل اللهُ بعـد اللاءِ من نَعمَِ
هـذي خديجةُ سـرُّ السرِّ قد شهدتْ .......... مشارفَ الوحيِ مـا ضلتْ ولـم تَهِمِ
اصعدْ لغارِ حـراءٍ وارتقِـب جَلَـلاً ........... من غـير ما مَللٍ فتحـاً ... ولا سَأَمِ
أمْضِ الليالـي وحيداً فـي العراءِ هنا ........... فـي قمـةِ الجبـلِ العالـي ولا تنمِ
عمـا قريـبٍ سمـاءُ اللهِ عـن كثبٍ .......... ستَفْتَحُ البـابَ للسهرانِ فـي القممِ
النـورُ يدفـقُ يا غارَ الفخارِ ضُحـىً ......... فاصمدْ حِراءُ علـى الزلزالِ والتحـمِ
جـبريـلُ ضمَّ حبيبَ اللهٍ محتضنـاً ........... اقـرأ محمـدُ قـد بُلِّغتَ ... فالتـزمِ
أقـرأْ علـى مسمعِ الدنيا بـأجمعهـا ........... قـرآنَ ربكَ ، وانشرْ دعوةً وقـمِ !
خـلِّ الدثـارَ وأعلنـها مـدويـةً .............. للشرقِ والغربِ كلَّ الدهرِ ... واقتحمِ
أنْ لا إله سوى الرحمـن خـالقنـا ............ وأنَّ أحـمـدَ خيـرُ الخلـقِ كلِّهـمِ
أقـرأْ محـمـدُ فالدنيا على مَلَءٍ ............ تصغي إليك وخـلِّ الكفـرَ يلتْجِـمِ
رتِّلْ محـمـدُ أيْقظْها فقـد سَكِـرتْ ........ كـلُّ النفوسِ وصارَ النـاسُ كالبهُـمِ
رتِّلْ محـمـدُ عَمِّرْها علـى أُسـسٍ ............. مـن المسـاواةِ والأخـلاقِ والنُظُـمِ
وسوفْ تلقـى من الأهوالِ ما عجزتْ ........... عنـه الجبـالُ بصـبرٍ غيـرِ منخرمِ
والأقربـونَ وكـمْ كانوا على حَسَدٍ ............ رغـم البراهينِ صاروا أشرسَ الخَصـمَ
الحقـدُ يعمـي عيوناً وهـي مبصرةٌ ............ إن الحقـودَ علـى سمـعٍ لفـي صَمَم
هاجت قريشُ علـى المختـارِ واتفقتْ ............. ضدَّ النبوةِ أحـلافُ الهـوى الصنمي
وآمــنَ الفـقـراءُ المتعبـونَ بـهِ .............. وهكـذا ديـدنُ الأديانِ فـي الأمـم
اثبتْ بـلالُ علـى الإيمانِ فـي مثلٍ .............. للمؤمنيـنَ ولا تخضــعْ فتنهــزمِ
يا آلَ ياسـرَ صبـراً إنـها مِحَـنٌ ................. مـن غيـرها دعـوةُ الإسلام لم تقـم
وهـا جِروا في سبيـل الله علَّ ، عسى ............ عند النجاشـيِّ ينجـو الدينُ منَ ضيم
بكـى النجاشـيُّ للقـرآن يسمعـه ............ بـوركتَ ياملكَ الأحبـاشِ مـن قَرِمِ
وهكـذا بـذرةُ التـوحيد قـد نبتتْ ........... فـي أرضِ مكـةَ مثلَ الزهرِ في الأكَمَِ
وراحَ أحـمـدُ باسـم الله يرعـاها ............ ويشحـنُ الجيـلَ بالتثبيـتِ والعَـَزمِ
هـذا الرعيلُ سيحمـي أحمـداً أبداً ........... أفـدي نعـالَ حُمـاةِ المصطفى بدمي
الأخشبـان إذا أحببــت أطبقـها ............ يقـولُ جبـريلُ والرأسُ الكـريمُ دمِ
لا تفعلنَّ يقـول المصطـفى فعسـى ........... مـن صُلْبهـم يخرجُ الإيمانُ عن رغَـَمِ
وحـاصروه ببطـنِ الشِّعبِ واكتتبوا .......... ميثـاقَ عارٍ وعهـداً بالـغَ الشُّـؤُمِ
* * *
هـذا البراقُ وهـذا الروحُ قد حضرا ......... فاركـبْ محـمدُ هـذي رحلةُ الحِكَم
صـلِّ إمامـاً بكلِّ الأنبيـاءِ هنـا ........... فـي المسجدِ الأقصى كالمفردِ العَلَـمِ
الأنبيـاءُ تصلـي خلـفَ سيـدِهـا .......... ومَـنْ يَفُـزْ بحبيــبِ اللهِ يـأْتمـمِ
وارقَ السموات عبـداً عـزَّ مرتقياً ............. مابيـنَ محَتفـِلٍ شـوقـاً ومحتـرِمِ
هـذي المـلائك بالمختارِ فـي فـرحٍ .............. عرسُ السمواتِ عَند اللـوحِ والقلـمِ
العـرشُ زُيِّـن للمختـارِ فـي أَلَـقٍ ............ وسـدرةُ المنتهـى في نـورِها العممِ
اسمـعْ محـمدُ وانـظرْ مـا رأى أحدٌ ........... مـا قد رأيت وَلُـذْ بالعرشِ ثم حُـمِ
وقيـل للمصطفـى بشـراكَ منـزلةً ............ فانزلْ علـى السدرةِ العلياءِ ،والتحـمِ
كـانَ الخطابُ من الباري مشـافهـةً .............. لـم يُصعقِ المصطفـى من وطأةِ الكِلمِ
وثبَّـتَ اللهُ هـادينـا علـى جَلَـلٍ .............. مـن الخطـابِ وهـذا غايـةُ النعِّـمِ
******